الأحد، 19 فبراير 2017

(خصائص النمو)

خصائص النمو( 12 – 6سنة ) :
تعتبر مرحلة الطفولة المتوسطة والطفولة المتأخرة من المراحل التي تحتاج ألي الاهتمام الكبير من قبل المربيين والباحثين لأنها المرحلة الانتقالية الحرجة في مسار النمو , وهي التي تبرز فيها المشكلات التي تحول بين إشباع مطالب النمو وتحقيق التوافق النفسي .
وهذه المرحلة تمتد من السن السادسة حتى الثانية عشر , حيث تعتبر نهاية هذه المرحلة بداية مرحلة البلوغ والمراهقة , وفيما يلي يوضح الباحث خصائص النمو في النواحي الحركية والحسية واللغوية والانفعالية والاجتماعية , باعتبار أن نتاج هذه المرحلة من العمر يؤثر تأثيراً فعالاً على الطفل مستقبلاً .

النمو الحركي :
" يبدأ النمو الحركي واضحاً في مرحلة الطفولة المتوسطة والطفولة المتأخرة , فنجد أن الطفل يواصل حركته المستمرة فلا يستطيع أن يظل فترة طويلة في سكون , فنجده يجري ويقفز ويلعب الكرة وينط الحبل , ويستطيع طفل هذه المرحلة ركوب الدراجة ويمارس الألعاب المنظمة ".

" ويستمر نمو العضلات مع زيادة سيطرة الطفل على العضلات الكبرى , بينما لا تتم السيطرة على العضلات الصغرى إلا في سن الثامنة , وتعتبر هذه الفترة هي فترة اكتساب عدد كبير من المهارات الحركية حيث يمارس الطفل الأعمال اليدوية ويشارك في عدد كبير من الألعاب ".

" تلعب المهارات الحركية دوراً هاماً في نجاح الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة سواء في أداء نشاطه المدرسي أو في لعبه مع غيره من الأطفال , ولذلك فان الطفل الذي يكون نموه الحركي أقل من أقرانه من الأطفال يشعر عادة بالعجز والضعف , وقد ينسحب من الجماعة , وتتكون لديه اتجاهات سلبية نحو نفسه ونحو الحياة الاجتماعية , وحين تتهيأ للطفل الفرصة فأنه يشارك في النشاط الحركي بمختلف أنواعه ".

" ونظراً لنشاط الطفل الزائد وعدم استقراره , لا يستطيع الطفل في بداية هذه المرحلة الاستمرار في عمل لمدة طويلة , وإن كانت الحاجة ملحة لتنظيم أوقات الطفل لـه وتوزيعها بين الراحة واللعب لرغبة الطفل في اللعب المستمر وبذل النشاط" .
وتظهر الفروق بين الجنسين في بعض المهارات الحركية فتتميز الذكور بالحركات العنيفة كالجري ولعب الكرة , والإناث تتميز بالمهارات الدقيقة كالخياطة والرسم , "وقد أشارة دراسة ( كراتي  Cratty)على أن البنات يتفوقن على الأولاد في القفز على قدم واحدة فوق مربعات مرسومة على الأرض , وان الخصائص الحركية البسيطة والمركبة تختلف إلى المدى الذي يتطلب من الطفل أداء حركات مستقيمة دقيقة , أو حركات متجهة إلى أعلى , أو حركات عرضية طويلة , فالأولاد ما بين 6- 12 سنة يتفوقون على البنات في ذلك , في حين أن البنات تبدو أحسن من الأولاد في الوثب والرقص والتي تتطلب منهن الدقة والاتساق في أداء الحركات" .

النمو الحسي :
ينمو الإدراك الحسي خلال مرحلة الطفولة المتأخرة عن المرحلة السابقة , فطفل هذه المرحلة يستطيع أن يدرك الألوان وان يدرك أشكال الحروف الهجائية ويستطيع تقليدها , " ويتفوق أطفال هذه المرحلة تفوقاً كبيراً في حساسيتهم اللمسية على الأطفال الكبار , وقد اثبت ( سبيرمان Spearman )في بحوثه أن الطفل الصغير في سن 6 مثلاً يضارع الطفل الكبير في سن ( 10) مثلاً في الحساسية العضلية ولا يكاد يقل عن الراشد .

" ويتميز الأبصار في الطفولة المتأخرة بطول النظر , فيرى الطفل الكلمات الكبيرة والأشياء البعيدة بوضوح أكثر من رؤيته للكلمات الصغيرة والأشياء القريبة , ولذلك يلاحظ أن الأطفال يعانون في هذه المرحلة من صعوبة في القراءة , ويبدلون جهداً كبيراً في رؤية الكلمات الصغيرة وفي إخضاع العين للرؤية القريبة , ويصابون بالصداع أحياناً نتيجة الجهد الذي يبدلونه في القراءة ".

أما السمع فلا يبلغ أقصى قوته من حيث تمييز شدة الصوت في سن السادسة أو السابعة , ولذلك لا يستطيع الطفل أن يتذوق اللحن الموسيقي المعقد , وان كان من المؤكد انه يتذوق الإيقاع ويطرب لما فيه من انسجام وتنغم بسيط , على أن القدرة على تمييز المقامات الموسيقية تتقدم تقدما مطردا حتى سن 11)) ".

النمو اللغوي :
" باتساع عالم الطفل يكتشف أن الكلام أداة هامة في السلوك الاجتماعي , ويدفعه ذلك إلى إتقان الكلام , وكذلك يتعلم أن الصور البسيطة من الاتصال مثل الصراخ والإيماءات ليست مقبولة اجتماعياً ويعطيه هذا حافزاً إضافياً لتحسين قدرته على الكلام , ويتوقف النمو اللغوي في هذه المرحلة على عوامل كثيرة منها المستوى العقلي والمركز الاجتماعي والاقتصادي والجنس , وبالنسبة للجنس يلاحظ أن الذكور اقل من الإناث في المحصول اللغوي وفي صحة بناء الجمل وفي القدرة على التعبير عن المعاني كما أن لديهن نقائص كلامية أكثر من البنات ".
" يعتبر النمو اللغوي في هذه المرحلة بالغ الأهمية بالنسبة للنمو الاجتماعي والنمو الانفعالي , فالطفل يدخل المدرسة وقائمة مفرداته تضم أكثر من 2500 كلمة, وتزداد المفردات بحوالي 50% عن ذي قبل في هذه المرحلة , ويقول ( زهران ) أن هذه المرحل مرحلة الجمل المركبة الطويلة , ولا يقتصر الآمر على التعبير الشفوي بل التعبير التحريري , وتنمو القدرة على التعبير اللغوي التحريري مع مرور الزمن وانتقال الطفل من صف إلى آخر في المدرسة ويلاحظ انه على طلاقه التعبير التحريري التغلب على صعوبات الخط والهجاء " .

" أن نمو الطفل اللغوي يكتمل بصورة كبيرة بمرور الوقت ودخوله في طفولته المتأخرة , ومن جانب آخر فان نمو اللغة جدير بالاهتمام في كل من المفردات اللغوية , والفهم واستخدام الجمل والتركيب اللغوي فيما بين 6 – 10سنوات , فاستخدام اللغة مرتبط بالفهم الجيد لتعبيرات كثيرة , فطفل الرابعة قد يقول أن عشرة قطع نقدية أكثر من أربعة قطع نقدية , بسبب تمكنه رؤية الاختلاف , بينما طفل السادسة يعطي نفس الاستجابة بسبب تقديره العقلاني للعملة , فكل من طفل الرابعة والسادسة اجري تمييزاً ناجحاً واستخدما التعبيرات الصحيحة , إلا أن فهمهما لهذه التعبيرات تختلف فقدرة الطفل على استخدام اللغة بصورة صحيحة عادة ما تشير إلى عمق الفهم والإدراك لديه " .
أما عن عيوب الكلام فليست الدرجة التي عليها في المرحلة السابقة , فالتهتهة واللجلجة وإبدال الحروف وكل صور الحبسة التي تظهر عند الطفل في مرحلة نموه السابقة قد تظل كما هي بمرور الزمن ما لم تبذل جهود علاجية لتصحيحها , ولان هذه الاضطرابات جميعاً تعود بأصولها إلى التوتر العصبي فإنها قد تزداد سوءا بدخول الطفل المدرسة بسبب الارتباك الذي سوف يعانيه حين يضحك الأطفال على طريقته في الكلام , أما عن محتوى كلام الطفل فإنه اقل تمركزا حول الذات من الطفولة المبكرة , وانتقاله من التمركز حول الذات إلى ما يسميه ( بياجية Piaget ) اللغة الاجتماعية " .

النمو الانفعالي :
" تتميز هذه المرحلة بالهدوء والثبات الانفعالي , وهي سمة غالبة على الجانب الانفعالي طول المرحلة , ولا يعني الهدوء الانفعالي أن الطفل لا يغضب , ولكن الطفل في هذه المرحلة يغير من طريقة تعبيره عن انفعالاته , فلم يعد الطفل الذي يضرب الأرض برجليه ويصرخ عندما لا يجاب إلى طلبه , بل أصبح يسلك بطريقة مختلفة , فهو قد يحتج لفظياً , وقـد يناقش مشروعية طلبـه , وقـد يعانـــــد إذا لم يقتنـع " .
والانفعالات الشائعة في هذه المرحلة هي نفسها انفعالات مرحلة الطفولة المبكرة , إلا أنها تختلف في طبيعة المواقف الذي تستثير الانفعالات وصور التعبير عن هذه الانفعالات , ومن أهم مظاهر الانفعالات هي الخوف Fear والغضب Rage والغيرة Jealousy :

الخوف Fear :
" أن الخوف انفعال طبيعي عند الإنسان إلا أنه قد يتحول إلى خوف مرضي (فوبيا) إذا زاد عن حده , ونلاحظ انه في الوقت الذي تتناقص فيه المخاوف المستثارة من الأشياء المحسوسة تزداد المخاوف من الأشياء المتخيلة ومن ذلك الظلام وما يرتبط به ( كالجن والغوله ) , وتظهر أنواع جديدة من المخاوف مثل الخوف من أن يوصف الطفل بأنه مختلف عن أقرانه فيتعرض للسخرية منهم , والخوف من الفشل في المهام التي يقوم بها , وحتى لا تبدو عليه أعراض الخوف أمام أقرانه فيسخرون منه يحاول الطفل في هذه المرحلة أن يتجنب قدر الإمكان أن يضبط متلبساً بحالة الخوف".

الغضب Rage :
" يعتبر الغضب من الانفعالات السائدة التي يولد الطفل وهو مزود بها , فالطفل يتعلم من صغره أن يغضب من مواقف دون أخرى , وبتقدم العمر تتغير المواقف وتزداد الخبرات وينمو الإدراك المتصل بفهم العالم الخارجي , وعادة ما يصحب الغضب تغيرات فسيولوجية مثل زيادة النبض أو ارتفاع الضغط والتوتر , وفي مرحلة الطفولة المتأخرة يختلف التعبير عن الغضب في مثيراته عن المراحل السابقة , ويغلب على التعبير عن الغضب في هذه المرحلة كثرة المضايقات الكلامية والتهكم والسخرية , والواقع انه من مسببات الغضب من هذه المرحلة , مقاطعة الطفل أثناء قيامه بنشاط معين , أو عندما ينتقده الآخرون باستمرار , أو عندما يقارن جهده بجهد ونشاط الآخرين , أو في حالة النصائح والتوجيهات المستمرة".

الغيرة Jealousy :
" يغار الطفل في هذه المرحلة من أقرانه الذين يتفوقون عليه في التحصيل الدراسي , والذين يفوقونه في النمو الجسمي وفي الرياضة البدنية , ويغار أيضا من الأطفال الآخرين الذين يحضي برعاية وحب الوالدين أكثر منه , وعندما تدب الغيرة في نفس الطفل , نجده يوشي بأخيه الذي يغار منه وينسب إليه المخالفات التي تغضب الوالدين" .
" ويرى ( فرويد  Freud )أن الغيرة انفعال مركب , وان أهم مكوناتها هي خوف الفرد من فقدان من يحب وكره لمنافسه ورغبته في إيذائه , وشعوره بالنقص , ونقده الحاد للذت الذي قد يتحول إلى الشعور بالذنب ".

النمو الاجتماعي :

يتأثر الأطفال في نموهم الاجتماعي بالأفراد الدين يتفاعلون معهم وبالثقافة التي تهيمن على أسرتهم ومدرستهم ومجتمعهم , وتعتمد حياة الطفل الاجتماعية في نموها على العلاقات الاجتماعية والتي تبدأ من علاقته بأمه , وتتطور بعلاقته بأفراد أسرته , ثم تتطور وتنتهي بعلاقته بالمدرسة والمجتمع , وتعتبر هذه العلاقات الاجتماعية هي الدعامة الأولى للحياة الاجتماعية , وهي التي تؤثر في نموه وتوجيه سلوكه .
" أن الطفل في هذه المرحلة يحرز تقدماً كبيراً في الناحية الاجتماعية , وفي الحقيقة أن هذا التقدم متوقع بناء على الصفة التلازمية والعلاقات الايجابية الموجودة بين جوانب النمو , لان الطفل يحرز تقدماً كبيراً في مجال النمو العقلي والادراكي وفي مجال النمو العقلي , وهذا التقدم يفسح الطريق أمام الطفل لينفتح على البيئة والوسط الذي يعيش فيه محققاً تقدماً مماثلاً في الجانب الاجتماعي , ويدرك الطفل في هذه المرحلة ما حوله ويتفاعل معه , ويقبل معايير المجتمع وثقافته ويعمل بها ويحرص على ألا يأتي سلوكاً يتنافى معها , وكأنه يريد أن يثبت للمحيطين به انه أصبح رجلاً , ولم يعد ذلك الطفل الصغير , والطفل لا يفعل ذلك كله انصياعاً للكبار فقط , ولكن لان هذه الأساليب السلوكية وهذه الاتجاهات العقلية والاجتماعية تلقي في نفسه قبولاً حسناً أيضا , ولأنه يجد في ذلك تحقيقاً لذاته" .

" ويتطور الطفل في تكوينه الاجتماعي , حيث تظهر علاقات اجتماعية خارج نطاق الأسرة , فيها نشاط تعاوني اجتماعي واستقلالي ذاتي في نفس , كما يبدأ الطفل تدريجياً في تكوين معاييره الاجتماعية الخاصة , وتعتبر هذه الدلائل أسس النضج الاجتماعي الذي يؤهله للتحول الاجتماعي بمداه الواسع في المراهقة , وفي هذه المرحلة من العمر يتميز الطفل بوضوح الشعور بالذات , فيزداد إدراكه لذاته وإدراكه لغيره وضوحاً , ويعد ذلك التغير أساسا نتيجة لقضاء الطفل معظم وقته خارج المنزل بعيداً عن حماية الوالدين".

" ويعتمد توافق الطفل مع متطلبات المرحلة الجديدة على كيفية إعداد الأسرة له في مراحل نموه السابقة , فالانتقال إلى المدرسة يمثل خسارة للطفل إذا ما كان يتمتع بوضع خاص داخل الأسرة بسبب التدليل أو رغبة الوالدين في توفير الحماية الزائدة له , ونظراً لتماسك الطفل بالرغبة في الشعور بالاستقلال إلى حد ما , فقد يجد بعض المصاعب في عمليات توافقه , لان المدرسة تتطلب الاندماج في المجموعة والانقياد لها , كما يتطلب الآمر الانقياد للمدرسين أيضا الذين يقررون ما يصلح وما لا يصلح للتلميذ , ويرى ( اريك اريكسون  E.Erikson ) بان المدرسة تعمل على تعليم الطفل مهارات جديدة في العمل , كما تدربه على عمليات التوافق الاجتماعي , وعلى أساليب التوافق مع الآخرين , وذلك جنباً إلى جنب مع عمليات اكتساب المهارات العلمية , وتعمل القيم المدرسية على توجيه سلوك الطفل بطريقة غير مباشرة , كما تجعل عمليات التقييم المدرســـي الطفل يعرف أوجه الشبه والاختلاف بينه وبين غيره ".

إذن المدرسة ليست مكان يتلق فيه الطفل العلوم فقط بل أكثر من ذلك بكثير , فهي بجانب أنها مكان لتلقي العلوم فهي أيضا تساهم في تشكيل وبناء شخصية الطفل وتربيته بعدة وسائل كالنشاط الرياضي والاجتماعي والثقافي .

ففي بداية التحاق الطفل إلى المدرسة تتزايد مجموعة الرفاق التي يتعامل معها في العدد والأهمية , حيث يجد الطفل نفسه مع عدد كبير من الأقران من نفس عمره مع اختلاف اتجاهاتهم , يحاولون تحدي العوائق الاجتماعية داخل المكان الجديد لذلك يتخذ الالتصاق والتقارب مع الرفاق عمقاً جديداً وقوة اكبر من تخلص الطفل من التمركز حول الذات , ويؤكد ( مارتن وستندلر Martin & Stendeler )أن جماعة الرفاق لها آثارها الهامة في النمو الاجتماعي للطفل عن طريق عوامل مختلفة, حيث تمده بالثواب والذاتية الخاصة , كما يرى في رفاقه النموذج الذي يريد إتباعه "








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق